المعبد: بيت الإله

يحتفظ عالم البحر الأبيض المتوسّط بالعديد من آثار المعابد التي بناها الإغريق لآلهتهم، ومنها “البارثينون”، المنتصب على جبل الأكروﭘوليس بإطلالته المهيمنة على مدينة أثينا. في العصور القديمة، كان هذا المبنى المهيب مخصّصًا للإلهة “أثينا” حامية المدينة، وفي داخله ثمثال ضخم لها.

يُشكلّ المعبد الإغريقيّ الأبسط  المُسمّى"naos" المسكن الأرضيّ للإله أو الإلهة، حيث يتجلّى وجوده الظاهر بتمثال يوضع داخل المعبد. وكان يحقّ للكهنة فقط الوصول إلى قدس الأقداس هذا، للاهتمام براحة الإله وحمل القرابينَ له من المؤمنين (الغذاء، والأشياء الثمينة). خلال الأعياد الدينيّة، كانت العبادة الجماعيّة تجري خارج المعبد، حيث يُقدّم الكهنة القرابين الحيوانيّة على مذبح موجود أمام مدخل المبنى. ووقد حُرّم دخول المؤمنين إلى هذا المكان المقدّس إلّا في مناسبات نادرة، مثل طقوس الانتساب واحتفالات القبول، وكذلك في بعض الحالات المرتبطة بالدّور الدينيّ للمكان: كما في هيكل الإله "أبولو" في "دلفي" الذي كان يُسمح فيه للمؤمنين بالدخول لتلقّي نبؤات الكاهنة "بيثيا".

لا يمكن لمبنى أن يكون متناسقًا […] ما لم تكن كلّ أجزائه مترابطة مع بعضها البعض، كما تلك في جسم الإنسان المتكامل.

فيتروفيوس، دي أركيتيتورا، (1، 2، 3)

يتّخذ المعبد الاغريقيّ عادةً الشكل المكعّب أو المستطيل، وقد يُبنى أحيانًا بشكل دائريّ. ويتّجه عادةً نحو الشرق، على نحو يسمح لضوء الشمس بالدخول من الباب الرئيس للهيكل عند الشروق وإضاءة تمثال الإله. وغالبًا ما زُيّن مدخل المعبد بأقواس وأفاريز مشغولة بدقّة، وبعناصر زخرفيّة كالتماثيل والرسوم التي لوّنت بالألوان الزاهيّة.

مع مرور الزمن، إكتسبت العمارة الخارجيّة للمعابد ثراءً في تفاصيلها بعد أن كانت تتّسم بالبساطة الشديدة. فاعتمدت نسق الأعمدة المصطفّة على الواجهة بدايةً، ولفّت هذه الأعمدة المباني الأكثر فخامة بأكملها لاحقًا. وشكّلت طرق الحفر وشكل تيجان الأعمدة المعتمدة في هذه العمارة بصمةً عن مختلف الطرز المعماريّة التس سادت الحضارة الإغريقيّة تباعًا: من الدوريّ، إلى الأيونيّ الأكثر شيوعًا،  وصولًا الى الكورنثيّ الذي قدّره الرومان.

في أوروبا الغربيّة، خلقت إعادةُ اكتشاف التراث اليونانيّ ما يعرف بالعمارة على (الطرازَ الكلاسيكيّ الحديث)،الذي اعتمد من جديد الأعمدة والأروقة في البناء، وقد أثَّر بعمق في الهندسة المعماريّة المدنيّة والدينيّة للقرنين 18- 19م. ونجد ضمن الطرازَ الكلاسيكيّ الحديث أمثلة لأبنية كثيرة في العالم منها: بوابة براندنبورغ في برلين، مسرح البولشوي في موسكو، نصب لنكولن التذكاري في واشنطن، قصر الأمم في جنيف.

جميع الحقوق محفوظة © 2024
تصميم وتطوير Born Interactive