تاريخيًّا
الشنتو هو دين اليابان القوميّ، ويدعى في اللغة اليابانية “كامي نوميتشي” أيّ (طريق الآلهة). لا يُعرف له مؤسّس ولا تاريخ تأسيس. تتألّف ديانة الشنتو من مجموعة طقوس وممارسات تجلّ طريقة حياة وأماكن لها طاقة روحيّة قوّية موزعة في أنحاء اليابان، تهدف لتواصل البشر مع (الكائنات الروحيّة) المسمّاة “كامي”. كان الشنتو في البداية قبل دخول البوذيّة إلى اليابان في، القرن 6 ق.م، مسلكًا روحيًا يحوي مزيجًا من السحر وتأليه عناصر الطبيعة. وتطوّر إثر امتزاج العقائد الشنتويّة بالبوذيّة، فمُنحت الآلهة البوذيّة الصدارة، وأصبحت بعض “الكامي” اليابانيّة تجلّيات لها. في القرن الثامن ميلاديّ أُنجزت الكتب المقدّسة للشنتو، التي تروي سيرة وأحداث اليابان وأباطراتها المؤلّهين. إستمرّ هذا المزج العقائديّ حتّى القرنين 17- 18م، عندما حاول علماء يابانيّون على رأسهم “موتوري” إحياء “الشنتو الخالص” أيّ (الطريق القديمة القويمة)، والعودة إلى أصالة التراث والتقاليد، وتعظيم شأن اليابان، وقصص حكّامها وشعبها، للخروج بعيدًا من تأثيرات البوذيّة والكونفوشيوسيّة. أصبح الشنتو الدين الرسميّ لليابان في عهد (الإمبراطور ميجي) (1852–1912م)، الذي فشل في إلغاء العناصر البوذيّة من تقاليد الشنتو لتجذّرها. وأعلن لاحقًا أن مبادئ الشنتو للدولة هي “مجموعة قواعد خلقيّة وقوميّة قائمة على الفضائل التقليديّة اليابانيّة”
الجغرافيا/ الديموغرافيا
أرض اليابان حصرًا. ونظرًا لتداخل طقوس الشنتو بالبوذيّة والكنفوشيوسيّة، ليس هناك من تقديرات دقيقة لعدد أتباع الشنتو في اليابان.
الفرق
تُعَدُّ طرق العبادة عند الشنتو اليوم بالآلاف، وتوزّع على قسمين رئيسين:

"كيوها" أو (فرق الشنتو): هي 13 فرقة كبرى مستقلّة تعترف بها اليابان رسميًّا، وظهرت ما بين أواخر القرن 19م والعقد الأول من القرن العشرين. وتصل اليوم إلى أكثر من ألف فرقة مسجّلة لدى الدائرة الخاصّة للحكومة اليابانيّة.

"مينزوكو" أو (التقليد الشعبيّ): الاسم الذي يطلق على الشنتويّة التقليديّة التي يمارسها اليابانيّون العاديّون في مزاراتهم المحليّة، والتي لم تتّخذ لها شكلًا رسميًّا. يظهر تأثيرها في العديد من طقوس العبور الاحتفاليّة في اليابان، وفي الزراعة والمهرجانات.
الكتب المقدّسة
للشنتو كتابان مقدّسان كُتبا في بدايات القرن الثامن ميلاديّ، ويبرز فيهما تأثير الكونفوشيوسيّة والبوذيّة:
  • "كوجيكي": الذي كُتب في العام 712م، ومعناه (تاريخ الأحداث الماضيّة). هو أقدم كتاب في التاريخ اليابانيّ، يسرد ماضي اليابان وقصص شعبها وحكّامها، والكثير من الأساطير عن الخلق والآلهة في أرض اليابان حصرًا.
  • "نيهون شوكي": الذي كُتب في العام 720 م، ومعناه (سجلّات اليابان). ثاني أقدم الكتب المتعلّقة بالتاريخ اليابانيّ وسيّر الأباطرة (في القرن 8 م)، يروي تفاصيل تاريخ اليابان وآثارها، ويضمّ الأعمال الكاملة للأدب الكلاسيكيّ اليابانيّ.
الأماكن المقدّسة
"جينجا أو (المزار): هو مكان مقدّس حيث تعيش "كامي"، و حيث تظهر قوّة وطبيعة "كامي". تعود هذه المزارات إلى عصور ما قبل التاريخ، علامتها الـ"توري" وهو (الباب الذي يدلّ على قدسيّة المكان). يعتبر التوري أينما وجد مدخلًا لمكان مقدس سواء في الطبيعة أو للمزارات والمعابد.بعد اعلان علمانيّة دولة اليابان في العام 1945م واجهت معابد الشنتو والمزارات أزمة تمويل، فأقفلت الكثير منها.
العقائد المقدّسة
تختلف العقائد الإيمانيّة الخاصّة بديانة الشنتو، نظرًا لتعدّد المذاهب الكثيرة وتطوّرها المرتبط بتاريخ اليابان. وتبقى بعض العقائد أساسية:

اليابان مركز الخلق: أرضها مقدّسة "أرض الآلهة"، وشعبها سليل الآلهة.

"أماتيراسو": هي (إلهة الشمس) هي أعظم آلهة اليابان. الأمبراطور هو سليل إلهة الشمس، وهو إله في جسد إنسان.

"الكامي": ليست الله وليست آلهة، هي (الأرواح) و(الكائنات) التي تتمتّع بقوّة خارقة وتوحي بالخوف والجلال. هي من تُعنى بالبشر وسعادتهم، وتقدّر اهتمام الناس بها. وتعمل على تحقيق جميع تطلّعات الناس إذا ما تمّ التعامل معها بالشكل الصحيح. هناك حوالي 8 ملايين "كامي" تُجلّ وتُعبد على نطاق اليابان. وينظر إلى الطبيعة بحدّ ذاتها على أنها مقدّسة.

النقاء: هو لبّ الفهم عند الشنتو لمبدأي الخير والشر، فالنقاء طبيعة الإنسان الأولى. واللانقاء "التلوث والخطيئة" هو أيّ مُسبّب لابتعاد الكامي عن الناس، وعن "موسوبي" أي (الطاقة المتناغمة والخلاقّة).
الطقوس والشعائر
تُمارس الطقوس عند الشنتو بتراتبيّة دقيقة ونظام لا يقبل الخطأ، وتُقام في المنزل أو في المزارات والمعابد:

تتضمّن العبادة أربعة عناصر أساسيّة: تبدأ بالتطهّر والاغتسال، وتقديم القرابين (حبوب، وشراب، أو مال)، والصلاة وطلب المعونة، ومشاركة الطعام رمزيًّا مع الكامي.

لا يوم خاصّ في الأسبوع للعبادة. يزور الناس المزارات خلال المهرجانات، ولأسباب روحيّة شخصيّة، أو لطلب المعونة التي تكتب عادة على أوراق صغيرة وتعلّق في أماكن محددة في المعابد، أو لطلب الحظّ الطيّب من الكامي (في الامتحانات، أو لحماية أحد أفراد الأسرة، ووقت المرض...) لبعض الكلمات قوّة روحيّة لمن ينطقها بشكل صحيح، واستخدامها بشكل "جميل و"صحيح" يجلب الخير.

"جي ماتسوري": إحتفال يجري قبل بناء تشييد أيّ مبنى (سكنيّ أو تجاريّ)، ويهدف لتنقية الأرض وعبادة الكامي المحليّة والصلاة من أجل السلامة خلال مرحلة البناء.

عندما يبلغ المولود الذكر يومه 32 والفتاة يومها 33، تأخذ الجدّة (تقليديًّا) أو الأم (حاليًّا) المولود الجديد لمزار الكامي المحلّيّ، وتضعه هناك تحت حمايتها، فيصبح من أتباعها.

يقيم معظم اليابانيّون شعائر جنائزهم على الطريقة البوذيّة التي تظهر في طقوس أداء الصلوات أمام المقابر، وبالمقابل يقيمون شعائر الزواج في معابد الشنتو، وهذه علامة للمزيج بين البوذية والشنتو في اليابان.

يحجّ الياباني مرّة في حياته إلى "المعبد الأمبراطوريّ" الكبير في (إيزي) المكرّس على اسم "أماتيراسو". ولا يزال الأمبراطور حتى اليوم يحجّ إليه في بداية السنة الرسميّة، وعند اتخاذ القرارات الخطيرة.
التقاليد والخصوصيّات الثقافيّة
إرتباط ديانة الشنتو بالفكر القوميّ في اليابان واستبعادها الأجانب من تقليدها.

"مسرح النو" اليابانيّ: مسرح تعود جذوره إلى طقوس الشنتو، يقدّم في المعابد والمسارح التي يُشبه سقفها معبد الشنتو القديم. يلبس الفنّانون فيه الأقنعة، ويتميّزون بحركات مقنّنة، وملابس غنيّة بألوانها.

رياضة "السومو": إحدى الفنون القتاليّة التقليديّة في اليابان، تعود إلى طقوس ديانة الشينتو، التي تستذكر صراع سومو الذي دار بين الإله "تاكيمي كازوتشي" وانتصاره على الإله "تاكيمي ناكاتا"، واستيلائه على جزر الأرخبيل الياباني، وقد انحدر من صلبه أباطرة اليابان الحالييّن.

الرمز المقدّس: "التوري" وهي البوابة التي تفصل ما بين العالم المقدّس والعالم المادّي.
جميع الحقوق محفوظة © 2024
تصميم وتطوير Born Interactive